هذا الكتاب أرادت وزارة المعارف أن تعيد النظر في مناهج الأدب العربي للمدارس الثانوية فعهدت إلينا في ذلك، وفي أن نضع كتبا تلائم المناهج الجديدة، فنهضنا بهذا الأمر، ورفعنا إلى الوزارة مناهج أقرتها، ونحن نقدم الآن هذا الكتاب شاملا لمنهج السنة الثالثة، وقد توخينا فيه كما توخينا في المنهج الحرص على أن يحيط الطالب بما لا ينبغي أن يجهله الشاب المثقف من تاريخ لغته وآدابها، وعمدنا إلى السهولة في التعبير والتبسط في البيان لأننا رأينا أن الإيجاز في هذا العلم لا يلائم عقل الشاب الذي لم تكن له في دراسة الأدب سابقة، على أنه كثيرا ما يغري بالاستظهار ويصرف عن التدبر والفهم، وإذا كان للتعليم في مصر آفة تفسده وتحول دون الانتفاع به فإنما هي الاعتماد على الذاكرة والانصراف عن النظر والتفكير.
فإن رأى المعلمون والطلاب في هذا الكتاب طولا فلا يروعنهم ذلك، فإنه من اليسر والوضوح بحيث يستطيع الطالب أن ينعم النظر فيه فإذا هو ملم بما قصدنا إليه إلماما يكفي لتثقيفه وتأديبه، ومع أننا نعلم أن الحقائق الأدبية التي أثبتناها في هذا الكتاب لا تدرك حق الإدراك إلا إذا عززت بشواهد كثيرة من الأدب العربي شعرا ونثرا فقد اقتصدنا في إيراد هذه الشواهد اقتصادا شديدا لأننا نرى أن يوضع لها كتاب خاص يساير هذا الكتاب، وقد وضعناه ونرجو أن يكون بين أيدي الطلاب في وقت قريب.
وإذا وفقنا اللـه سبحانه فسيتلو هذا المؤلف «المجمل» كتاب «مفصل» من جزأين يلائم منهج السنتين الرابعة والخامسة، وآخر يجمع من متخير القول ومصطفى الكلام ما يمثل حياة الأدب العربي في مختلف العصور ويطبع الملكات على صحيح البيان.
ونحن نرجو أن يكون اللـه عز شأنه قد وفقنا في هذا الكتاب وأن يوفقنا فيما سيتلوه من الكتب إلى أن نحبب الأدب العربي إلى الشباب ونزينه في قلوبهم، فإن رقي الأدب رهين بحب الناس له وإقبالهم عليه.
